الإثنوغرافيا أو وصف الأعراق البشرية هو نوع من أنواع البحث النوعي والذي يقوم الباحث بدمج نفسه في مجتمع أو منظمة ما، لمراقبة سلوك الجماعة وتفاعلاتهم عن قرب. تعني الإثنوغرافيا أيضاً كتابة تقرير البحث بعد خوض التجربة.
هدف الإنثوغرافيا هو مشاهدة المجموعة من الداخل. يتم جمع الملاحظات الميدانية لتدوين هذه المشاهدات وذلك أثناء اندماج الباحث مع المجتمع المطلوب، وستشكّل هذه الملاحظات أساس الإنثوغرافيا المكتوبة ففي نهاية البحث. عادةً ما يتم تدوين الملاحظات يدوياً، ولكن من الممكن استخدام بعض البدائل الجيدة كالتسجيلات الصوتية مثلاً.
الملاحظات الميدانية تحتوي على جميع البيانات المهمة: الظواهر المشاهدة، المحادثات التي أجريتها، التحليلات الأولية. مثال: في حال كنت تبحث حول كيفية تعامل موظفي الخدمات مع الزبائن عليك كتابة جميع ما تلاحظه أثناء تماس هاتين الفئتين سوياً ويتضمن ذلك طريقة تكلّمهم ولغة الجسد والعبارات التي تتكرّر كثيراً، نقاط الاختلاف والتشابه بين ردود أفعال الموظفين مع الزبائن.
مثال حول تدوين الملاحظات الميدانية:
لقد أمضيت طول الفترة المسائية أُراقب طريقة تعامل الموظفين خلف مكتب المحاسبة مع الزبائن. كان أحمد أكثر الموظفين ترحيباً بالزبائن والأكثر تبسّماً ومُزاحاً معهم. أما سمير فقد كان جافاً بعض الشيء فلم يُظهر أي من التعابير على وجهه، حتى أن الزبون ألقى طُرفة إلا أن سمير اكتفى بالتبسّم لثانية ولم يرد بأي كلمة. لكن هذا لم يؤدي إلى إرباك الزبون أو إزعاجه.
لا داعي للقلق فبالتأكيد ستقوم بتسجيل ملاحظات خارج الإطار أو ردود الأفعال التي كنت تتوقّعها، فأي تصرّف أو ردّة فعل قد تبدو مرتبطة بموضوع البحث يجب تسجيلها وبعد الإنتهاء من تدوين الملاحظات كلّياً والبدء في تنقيحها تستطيع التخلّص من الملاحظات غير المهمة والتركيز على النقاط الهامة. أما في حال عدم تدوين بعض الملاحظات ربّما تكون هذه الملاحظات أساسية في البحث وتُضطر إلى العودة إلى الميدان وتدوين الملاحظات من جديد وهذا الأمر سيكون متعباً جداً بالنسبة لك و هذا في حال تمكّنت من ذلك أصلاً (ربّما ظروف التجربة كانت استثنائية أو أنك لا تستطيع تحمّل نفقات جديدة للعودة إلى المجتمع أو المؤسسة المطلوبة).
يجب أن تكون الملاحظات الميدانية مفصّلة وواضحة قدر الإمكان. يجب أن تهتم بهذه الملاحظات كثيراً حتى لو استغرقت كتابتها كثيراً من الوقت فبالنهاية هي ثمرة بحثك وأساس القضية التي ستكتب حولها ولذا حاول أن تكتب وتتوسع في ملاحظاتك وتذكر جميع التفاصيل فيها وحافظ على ترتيب وتنظيم هذه الملاحظات (التنظيم يكون من خلال كتابة التواريخ والأماكن التي سُجّلت فيها الملاحظات بالإضافة إلى التفاصيل الأخرى التي تساعد في ترتيبها بشكل صحيح).
بعد الإنتهاء من تدوين الملاحظات يتبقّى عليك تنقيحها وترتيبها وتحويلها إلى إثنوغرافيا. وهذا يستلزم مراجعة الملاحظات الميدانية وصياغة سرد مقنع للسلوكيات والديناميكيات المرصودة.
مثال الورقة هذه تمتلك الهيكل العام للمقالة التجربية : المقدمة، الطرق، النتائج، المناقشة، الخاتمة.
الهدف من الإثنوغرافيا المكتوبة هو تقديم سرد ثري وغني بالمعلومات الموثوقة للمحيط الإجتماعي والبيئة التي كنت فيها وذلك لإقناع القارئ أن المشاهدات والملاحظات والتفاسير تمثّل الواقع بصدق.
تميل الإثنوغرافيا إلى اتباع نهج شخصي أكثر من مناهج البحث الأخرى. فبسبب طبيعة العمل من الضروري أن تحتوي الإثنوغرافيا على نقاشات حول تجاربك الشخصية ومشاعرك أثناء أداء التجربة.
مثال على الإنعكاسات الشخصية في الإثنوغرافيا:
خلال الأسبوع الثاني، أصبحت محبطاً بسبب عدم قدرتي على كسب ثقة مخبرين آخرين. كان طاقم الفريق يراني كغريب لا يمكن الوثوق به.
لا بالطبع، فالإثنوغرافيا هي محاولات لشرح ظاهرة تمت مشاهدتها بطريقة منظمة سردية. ولهذا من الممكن أن تُشكّل نظرية
ولكن هذه النظرية ستكون مبنية على خبرتك وحدسك المباشر والذي قد يتعارض مع الافتراضات التي أدخلتها في البحث.
مثال على التحليلات في الإثنوغرافيا
على الرغم من إدعاءات غريفيث (2019) إلا أن ملاحظاتي تشير إلى أن العمال الذي يعملون بالبيع بالتجزئة لا يكوّنون أي رابطة معينة مع بعضهم للتخفيف من ضغوطات العمل. يوجد عدة أسباب ممكنة لهذا التضارب في النتائج:
ربّما تكون طبيعة العمل في هذا المتجر بالتحديد تُثبّط تشكيل هذا النوع من الروابط الوثيقة بين الموظفين، أو أن حضوري بينهم قد أثر على طبيعة العلاقة وأخفى ماهيتها.