مراجعة الأقران مسؤولية وأمانة ولا يجب التعامل معها كغيرها من الأعمال. فيما يلي أهم الأخلاقيات والنقاط التي يجب أن يراعيها مراجعي الأقران عند أدائهم لمهماتهم:
إياك ومراجعة النصوص الخارجة عن نطاق دراستك، هذا هو السبب الرئيسي لإنتشار المقالات عديمة القيمة والتي لا تغني المحتوى العلمي لتخصصاتها بشيء، بل ربما ستكون سبباً في تضليل قرّاءها عند بنائهم استنتاجات على معلومات مغلوطة أو غير دقيقة.
على المراجعين إظهار الإحترام من خلال قراءة المقالة ولو لمرة واحدة بشكل كامل. بعض المقالات تستغرق الباحثين سنوات في كتابتها ثم للأسف يقوم بعض المراجعين بالحكم على أهميتها أو دقّتها من المقطع الأول أو من الصفحة الأولى ويقوموا باتخاذ القرار برفضها مباشرةً. ولهذا يطلب البعض من المُراجعين تلخيص موضوع المقالة كي يتم التاكّد أنهم بذلوا جهداً كافياً في فهم موضوع المقالة بالكامل قبل البتًٍ في أمر القبول او الرفض.
من الصعب أن تتعامل بالمثل مع جميع النصوص فكلّ منا لديه ما يحب وما يكره، اي أنه لربّما يبدو الموضوع جذاباً بالنسبة لك مما يدفعك لتكريس وقت وجهد كافيين لمراجعته، والعكس صحيح ربّما عنوان البحث أو موضوعه ليس شيّقاً أبداً بالنسبة لك مما يؤثر على تقييمك وقرائتك له بحذر. أو مثلاّ ربّما يكون البحث مخالفاً لمعتقداتك أو مصالحك الشخصية وهذا سيؤدي إلى قيامك ببعض الإنتقادات غير المبررة لصاحبها سعياً منك لحرمان الورقة البحثية من فرصة النشر.
عليك تطبيق نفس المعايير عند تقييم أي بحث دون أي انحياز إيجابي أو سلبي تُجاه أي بحث أو أي كاتب، للحفاظ على المستوى البحثي العالي ومتانة الأبحاث. لا يجب أن تدع شهرة الباحث تؤثر عليك أو تمنعك من انتقاد بحثه في حال كان مبنياً على أسس خاطئة أو يحتوي على كثير من النتائج الغير صادقة وفي حال تجاوزت الأخطاء الحدّ المقبول يجب رفضه دون التفكير بأي عواقب حسنة أو سيئة.
من الصعب جداً أن تكون بناءً خصوصاً أن المحرّرين في بعض المجلات دوماً ما يطلبون من المراجعين الصرامة الشديدة وذلك لأن مجلّاتهم تقبل عدد قليل جداً من المقالات مقارنةً مع عدد طلبات النشر الهائلة التي تتلقّاها. نسبة الرفض ممكن أن تكون مرتفعة لحد ال80 في المئة!. في هذه الحالة يقوم المراجعون بالتركيز على الأخطاء كي يساعدوا المجلة على الرفض دون الإلتفات إلى النقاط الإيجابية العديدة الموجودة في المقالة وهذا تصرّف خاطئ جدّاً من الناحية العلمية لأنه سيؤدي إلى تقليص عدد الباحثين إلى عدد قليل جداً من النخبة العلمية وسيحرم الكثيرين من حق النشر والتقدّم خصوصاً ممن يخطون أولى خطواتهم في طريق البحث العلمي والنشر في المجلات العالمية. لهذا على المُراجع في هذه الحالة تجاهل طلبات المحرّر والتعامل بإنصاف مع الورقة البحثية وترك مسؤولية الرفض والقبول للمحرّر.
أن تكون بنّاءً يعني الإضاءة على إيجابيات البحث وسلبياته حتى وإن كان الرأي النهائي هو الرفض لوجودة أخطاء قاتلة، والإنتقاد بصورة منطقية مبنية على الأخطاء الموجودة في البحث وذلك لكي يستطيع الباحث في بحثه القادم تلافيها وتحسين كتابته وبناء بحثه على الأسس المنطقية العلمية الصحيحة.
من هذا المنطلق فإن قبول الورقة البحثية يستغرق وقتاً أقصر بكثير من رفضها.
أكثر ما يعانيه الباحثين هو الإنحياز "العشائري". حيث يحدث هذا الأمر بعدة صور. أهمها وأكثرها شيوعاً هي تجاهل النتائج والنظريات التي تنتقد متابعينهم (نظريات تنتقد نظريات أصدقاء المُراجع أو زملاءه أو من يهمّه أمرهم بشكل عام). أما الممارسة السيئة الثاني التي يعاني منها المؤلفون والموجودة في جميع المجالات البحثية هي الاقتباس والاستشهاد من الأصدقاء والأحباب على الرغم من أن أهم النظريات تأتي من خارج دائرتهم.
هذا الاستشهاد العمدي بأصدقاء المُراجِع هو تصرف غير علمي وغير أخلاقي لأنه يتجاهل المنشورات المهمة التي تعالج قضية ما بصورة شاملة وكاملة. المُراجع الحق والخبير لا يجب أن يرتكب هذه الممارسات السخيفة التي لاتليق به كباحث أولاً، لذا عليه أن يكون شاملاً ومتزناً كي يسهم في تحسين هذه الأدبيات العلمية.
الكثير من المُراجعين وخصوصاً الشباب منهم يخافوا من الإساءة لكبار الباحثين في مجالهم كي لا يتلقّوا انتقادات لاذعة من جمهور الباحثين أو يخسروا وظائفهم. لهذا المراجعة مزدوجة التعمية تفيد في هذه الحالة. على أية حال يجب على المُراجعين والمحرّرين التحلّي بالجرأة والشجاعة بتوجيه الإنتقادات في محلّها وحتى وإن كانت مصوّبة لأهم العلماء في مجال ما وذلك في سبيل الحفاظ على المستوى العلمي الراقي في جميع المجالات والإمتناع عن نشر معلومات مغلوطة بحجّة أن المؤلّف رمز من رموز مجاله.
في النهاية المُراجع الجيد يجب أن يتّسم بصفتين رئيسيتين وهما احتراف الدور المهني كمُراجع يستطيع التمييز بين الأبحاث الجيدة التي تستحق النشر من عدمها. أما الصفة الثانية هي التحلّي بالأخلاق الإنسانية الحسنة كالعدالة والإنصاف عند مُراجعة أي ورقة بحثية.