إن الكتابة هي أهم وسيلة تواصل بين العلماء لمشاركة أبحاثهم وأفكارهم ونظرياتهم مع أقرانهم ومع العامّة. إن البحث والنشر عملية متكاملة كالتعليم في الجامعة والتدريب قبل دخول ميدان العمل كالمهندس الخرّيج الذي يحتاج دورة تدريبية عند أحد المهندسين الخبرة قبل البدء في العمل بشكل مستقل. إحدى أهم الأسباب التي تدعو الكثير من الباحثين لكتابة المقالات هي الحصول على وظيفة أو ترقية أو منحة دراسية ولكننا في هذا المقال سنتكلّم عن الجانب العلمي للقضية فقط حيث تحدثنا عن المكاسب المعنوية والمادية سابقاً في المقال التالي:
ما هي النواحي العلمية التي تفرض على الباحث نشر المقالات؟
1. الباحث المستقل:
- حماية المحتوى العلمي والملكية الفكرية
1. عندما يقوم الباحث بابتكار نظرية ما أو الوصول لنتائج هامة في قضيّة معيّنة ولا يقوم بتدوين هذه الاكتشافات ضمن مقال علمي يُنشر في مجلّة عالمية محكّمة لا يوجد حينها أي دليل على اكتشافاته وبالتّالي من الممكن سرقة هذه الاكتشافات ونشرها بأسماء باحثين منتحلين.
2. نشر المقال في مجلّة مغمورة أو منتحلة وهكذا لا يرى أحد هذه الإنجازات وكأنك لم تفعل شيئاً ولن يقدّر أحداً الجهد الذي بذلته للوصول لهذه النتائج. من الممكن في هذه الحالة أن تتعرَض أبحاثك للسرقة لذلك عليك التأكد من المجلّة قبل إرسال الورقة البحثية إليها.
- التعاون مع المؤسسات أو أحد الباحثين
بعد نشر مقال علمي في إحدى المجلّات العلمية المعروفة ستُصبح شخصاً معروفاً في جموع الباحثين وقد يرغب آخرون في التعاون معك ضمن مجال تخصصك أو أنك قد تحتاج إلى التعاون مع مؤسسة أو باحث يعمل على نفس القضية فبدون نشر أبحاثك لا أحد سيرغب بالعمل معك في أي مشروع بحثي وكأنك غير موجود أساساً.
- الحصول على بيانات أو معلومات حسّاسة
كما نعلم فبعض المصادر والمواد التي تحتاجها الأبحاث مرتبطة بالامن القومي للبلد وبعضها نفيس جدّاً ومن غير الممكن أن يُعرض للعامّة كالقطع الأثرية مثلاً. وهنا أيضاً بعدم نشر أبحاثك فأنت كأي شخص عادي في هذا العالم لن يستطيع التعاون مع المتاحف أو مع الحكومة لإجراء أبحاثه لأنك لست باحثاً في نظرهم مالم تمتلك عدد من المقالات في المجلّات ذات معامل التأثير العالي. المقال التالي يوضّح بعض أنواع هذه المصادر
2. الباحث الذي يعمل في مركز للأبحاث
مراكز الأبحاث (الشركات) غير الربحية:
- تهتم مراكز الأبحاث بسمعتها كثيراً فهو العامل الرئيسي الذي يدفع الكثيرين لتمويلها أو التعاون معها. عندما ينشر الباحث ضمن مركز الأبحاث المقالات بشكل مستمر هذا سيزيد من شهرة مركز الأبحاث ويستقطب عدداً أكبر من الشركات للعمل في بعض المشاريع معها ويرفع من مستواه في المجتمع الاكاديمي البحثي.
- نشر المقالات يدفع العديد لتبنّي طرق البحث والمناهج المستخدمة لأنها ستلفت الإنتباه إلى فعّاليتها ووصولها للنتائج المطلوبة وهكذا سيقوم الباحثون من خارج مركز الأبحاث أو الشركة بالثناء على أهمية التقنيات أو النتائج التي نشرتها الشركة.
- الشركات التي تدعو موظفيها من الباحثين لنشر المقالات تدفعهم إلى تطوير أنفسهم وهكذا سيعملون بجد أكبر لأنهم سيشعرون أن الشركة تريد الأفضل لهم وتريدهم أن يطوّروا أنفسكم فهم يكسبون النقود من جهة ويكسبون الخبرة القوية والشهرة بآن معاً وبهذا ستزداد فرصهم في الحصول على فرص عمل قوية في افضل الشركات العالمية. بهذه الطريقة تستقطب هذه الشركة المزيد من الموظفين من النخب العلمية أيضاُ.
مراكز الأبحاث(الشركات) الربحية:
الأمر هنا مختلف كلّياً فمعظم الشركات الربحية لن تسمح للباحثين بنشر أبحاثهم المتعلّقة بالشركة لأنه سيؤثّر على منافسة الشركة في مجالها.
مثال: لنأخذ شركتا سامسونج وأبل على سبيل المثال فهاتين الشركتان تتنافسان منذ مدة طويلة في صناعة الهواتف المحمولة وفي كل إصدار من هذه الهواتف تُضيف الشركتان ميزات جيدة على هواتفهما كي تتفوق على نظيرتها وتكسب العدد الأكبر من المشتريين حول العالم. في حال نشر الباحثون العاملين في الأيفون بعض الأسرار حول هذا الهاتف أو أنهم عرضوا التقنيات التي يعملون عليها في الوقت الحالي لإضافتها إلى الهواتف المستقبلية ستستفيد سامسونج من هذه المعلومات لتحسين هواتفها أو التقدّم في هذه التقنية وإصدار هواتف تحتوي عليها قبل الأيفون وهكذا ستخسر شركة الأبل الكثير من النقود في عملية البحث وتطوير الهاتف لأنها تكون قد هدرت النقود في ميزة قديمة.